- محاضرات خارجية / ٠08رحلات - أستراليا
- /
- ٠3رحلة أستراليا - 3
مقدمة :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
يا سيدي يا رسول الله، يا سيدي يا حبيب الله، يا سيدي يا خاتم رسل الله، أشهد أن الذين بهرتهم عظمتك لمعذورون، وأن الذين افتدوك بأرواحهم لهم الرابحون، يا سيدي يا رسول الله، يا من أديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، وجاهدت في الله حق الجهاد، وهديت العباد إلى سبيل الرشاد.
يا من جئت الحياة فأعطيت ولم تأخذ، يا من قدست الوجود كله ورعيت قضية الإنسان، يا من زكيت سيادة العقل، ونهنهت غريزة القطيع، يا من هيأك تفوقك لتكون واحداً فوق الجميع فعشت واحد بين الجميع، يا من كانت الرحمة مهجتك، والعدل شريعتك، والحب فطرتك، والسمو حرفتك، ومشكلات الناس عبادتك.
يا سيدي يا رسول الله، يا سيدي يا حبيب الله، يا سيدي يا خاتم رسل الله.
على رأس الهرم البشري زمرتان الأنبياء والأقوياء :
أيها الأخوة الكرام، نقطة مهمة جداً: على رأس الهرم البشري زمرتان الأنبياء والأقوياء، الأنبياء ملكوا القلوب، والأقوياء ملكوا الرقاب، الأنبياء عاشوا للناس، والأقوياء عاش الناس لهم، الأنبياء يمدحون في غيبتهم، والأقوياء يمدحون في حضرتهم، وجميع الناس تبع لقوي أو نبي، فاسأل نفسك هذا السؤال الصعب: تابعٌ لمن؟ تابعٌ لسيد الأنبياء؟ لنبي الرحمة؟ نبي العدل؟ نبي الخير؟
لذلك أيها الأخوة، تستوقفنا في مطلع هذه الكلمة التي أكرمني الله بها، وأشكر من دعاني إلى هذا البلد الطيب، وأرجو الله أن أكون عند حسن ظنكم.
حكم الاحتفال بعيد المولد :
النقطة الأولى: ما حكم الاحتفال بعيد المولد؟ هذه قضية خلافية، دققوا فيما سأقول، الله عز وجل حينما قال:
﴿ وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾
فإذا كان سيد الأنبياء، وخاتم الأنبياء، وخاتم رسل الله، يزداد ثبوتاً لسماع قصة نبي دونه، فلأن يمتلئ قلبنا إيماناً بسماع قصة الأنبياء والمرسلين من باب أولى، هذا دليل.
الدليل الثاني:
﴿ قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ ﴾
أيها الأخوة الكرام، وكلمة الإسلام الأولى لا إله إلا الله، و محمد رسول الله، فالحديث عن سيدنا محمد شطر الإسلام، شطر الدين، لا إله إلا الله كلمة التوحيد، ومحمد رسول الله كلمة النبوة.
ما الذي يمنع أن نلتقي في المسجد ونتحدث عن رسول الله؟ عن رحمته؟ عن عدله؟ عن وفائه؟، عن كرمه؟ عن أخلاقه؟ عن شمائله؟ على مدى العام، في المسجد، أو في البيت، دون أن نسمي هذا الاحتفال عبادة، فالعبادات مبنية على الحظر، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي، العبادات مبنية على الحظر، ولا يستطيع أحد أن يشرع عبادة، فإذا قلت لي: إن الاحتفال بعيد المولد عبادة فهو بدعة، وإن قلت لي: الاحتفال بعيد المولد تعريف برسول الله، تعريف بأخلاقه، بشمائله، بنبوته، بكمالاته، فهذا يخضع للدعوة الله، أدخل هذا الاحتفال تحت الدعوة إلى الله، ولا تقل إنه عبادة، لأن العبادات في الأصل مبنية على الحظر، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت، بينما الأشياء بالعكس، مبنية على الإباحة، ولا يحرم شيء إلا بالدليل القطعي والثابت.
من لم يقم منهج النبي في حياته فلن ينتفع بمدحه :
أيها الأخوة الكرام، شيء آخر: تصوروا أباً عالماً كبيراً، وله ابن أمي، فهذا الابن لو أمضى حياته في مدح أبيه ولم يتعلم لن ينتفع بهذا المديح.
لو أمضينا كل حياتنا بالتغني بشمائل النبي، ولم نتبع النبي، ولم نقم منهجه في حياتنا، لن ننتفع من كل هذه الاحتفالات، لأن الله عز وجل يقول:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
طبعاً أنت فيهم في حياته واضحة جداً، لكن ما معنى هذه الآية بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى؟
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ ﴾
.
بالمناسبة: وما كان الله أشد صيغة نفي في اللغة العربية، هذا نفي الشأن، مستحيل وألف ألف مستحيل، لا يرضَ، ولا يقبل، ولا يريد، ولا يبارك.
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
قال علماء التفسير: ما دامت سنتك يا محمد قائمة فيهم فهم في مأمن من عذاب الله، وكل الذي يصيب المسلمين اليوم لأنهم ابتعدوا عن منهج رسول الله،
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ﴾
العبرة بالاتباع لا بالاحتفال :
شيء ثان:
﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾
إذاً أنت في بحبوحتين، بحبوحة أن تتبع النبي، وبحبوحة ثانية أن تستغفر، أما نحتفل ولا نتبع؟؟ البيت ليس إسلامياً، العمل ليس إسلامياً، خروج الزوجة في الطريق ليس إسلامياً، خروج البنات في الطريق ليس إسلامياً، التعامل مع المال ليس إسلامياً، البيع والشراء ليس إسلامياً، الاختلاط ليس إسلامياً، الحفلات ليست إسلامية، ومع ذلك نقيم احتفالاً، العبرة بالاتباع لا بالاحتفال، بالاتباع، والدليل:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ﴾
علامة محبتك لله الاتباع، و لرسوله أن تقتفي سنته، أن تأتمر بما أمر، وأن تنتهي عما نهى عنه وزجر.
التعريف بسنة النبي صلى الله عليه و سلم :
أيها الأخوة الكرام، ما هي سنة النبي الكريم؟ سنة النبي الكريم أقواله، وسنة النبي الكريم أفعاله، أقواله تشريع، وأفعاله تشريع، الآن وإقراره تشريع، أقواله، وأفعاله، وإقراره.
مرة كان عند بعض أصحابه الذين توفاهم الله، سمع امرأة تقول من وراء الحجاب: هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله، لو سكت النبي عليه الصلاة والسلام لكان كلامها صحيحاً، لأن إقراره تشريع، الآن كلامه تشريع، وفعله تشريع، أما الثالثة فدقيقة، إقراره، لو سمع كلمة وسكت معنى هذا أنها صحيحة، قال: وما أدراك أن الله أكرمه؟ قولي: أرجو الله أن يكرمه، وأنا نبي مرسل لا أدري ما يفعل بي ولا بكم.
هذا مقام النبوة، ألا تحكم على المستقبل حكماً قطعياً.
أثمن شيء يملكه الإنسان هو عمره :
النبي عليه الصلاة والسلام لعلو مقامه عند الله أقسم الله بعمره ، قال:
﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾
إله، خالق السموات والأرض، يقسم بعمر النبي، لذلك أثمن شيء تملكه هو عمرك لأنك زمن، لأن الإنسان بضعة أيام، كلما انقضى يوم انقضى بضع منه، أنت زمن، لذلك أقسم الله بمطلق الزمن لهذا المخلوق الأول، للإنسان الذي هو في حقيقته زمن فقال:
﴿ وَالْعَصْرِ ﴾
أقسم الله بالزمن لهذا الإنسان، الذي هو بضعة أيام قال:
﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
جواب القسم الإنسان خاسر، والخسارة مؤلمة ألماً شديداً، اسألوا التجار إذا خسروا الخسارة مؤلمة جداً، إله يقول:
﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾
لماذا يا رب هو خاسر؟ قال: لأن مضي الزمن يستهلكه، اثنين، ثلاثاء، أربعاء، خميس، جمعة، سبت، أحد، انتهى الأسبوع الأول ثم الثاني فالثالث فالرابع مضى أول شهر، ثم شهر، شهران، ثلاثة، انتهى الفصل، أربعة فصول مضت السنة، كنا بالتسعينات الآن بالألفين، ألفان و أحد عشر، ألفان واثنا عشر، العمر يمضي كلمح البصر، الدنيا ساعة، اجعلها طاعة، والنفس طماعة عودها القناعة.
إذاً خالق السموات والأرض أقسم بالقرآن الكريم بحياة النبي عليه الصلاة والسلام قال:
﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾
لقطات من حياة النبي الكريم :
أخواننا الكرام، النبي الكريم له مواقف تحير العقول، الأنصار بعد غزوة حنين، وجدوا على أنفسهم تجاه النبي الكريم، من قسمته للغنائم، الآن اسمعوا هذه اللقطة من حياته: جمع الأنصار وقال: مقالة بلغتني عنكم، جاءه سعد بن عبادة، قال: يا رسول الله، إن قومي وجدوا عليك في أنفسهم - هم حزنوا في توزيع هذا الفيء- قال: أين أنت منهم يا سعد؟ قال: ما أنا إلا من قومي، قال: اجمع لي قومك، فجمعهم، قال: يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها عليّ في أنفسكم، من أجل لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم.
يا معشر الأنصار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون أنتم برسول الله إلى رحالكم؟
أما الشيء الثاني فعجيب: يا معشر الأنصار، أما إنكم لو شئتم لقلتم فَلصدقتم وصدِّقتم،- لو قلتم هذا الكلام فالكلام صح، وأنتم صادقون- أتيتنا مكذباً فصدقناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فأغنيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، فبكوا حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسماً، وحسماً.
هذه من حنكته، من سياسته، من رحمته، من وفائه، لو أنك كلفت بطبع هذه القصة من سيرته، فهذا موقف النبي عليه الصلاة والسلام.
حينما فتح مكة المكرمة ركز لواء النصر عند قبر السيدة خديجة ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في القبر شريكته في النصر، بل ركز لواء النصر أمام قبرها.
أحياناً تضيق الأمور ويقترب الناس من اليأس، ولنتعلم من تفاؤل النبي الكريم، في أثناء الهجرة تبعه سراقة، ليأخذه، أو ليقتله، ويأخذ مئة ناقة، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً.
صدقوا أيها الأخوة، نقرأ هذه الفقرة من السيرة شيء لا يصدق، النبي الكريم مهدور دمه، ملاحق، والجائزة مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، يقول له النبي الكريم: يا سراقة، ما قولك إذا لبست سواري كسرى؟ سواري كسرى! ملك الفرس، الدولة الأولى في العالم، أقوى دولة في العالم، والذي حصل أنه جاءت كنوز كسرى في عهد عمر، وقال: أين سراقة؟ وجاء سراقة وألبسه سواري كسرى، وقال بعضهم: أُعيرابي من بني مدلج يلبس سواري كسرى؟!.
تفاؤل، الله عز وجل لا يتخلى عنا جميعاً، التفاؤل جزء من الإيمان، لما خرج إلى الطائف، وفي الطائف كذبه أهلها، وسخروا منه، بل أغروا صبيانهم ليضربوه، وضربوه وسال الدم من قدميه الشريفتين، جاءه ملك الجبال، قال: " يا محمد، أمرني ربي أن أكون طوع إرادتك، لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين فقال: لا يا أخي، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحده".
هذا الكمال، كمال النبوة.
أيها الأخوة الكرام، حينما عاد من الطائف ولم يؤمن به قومه، بل سخروا منه، بل كذبوه، بل أغروا صبيانهم بضربه، الآن سأله مرافقه سيدنا زيد، قال: يا رسول الله أتعود إلى مكة وقد أخرجوك؟.
إذا ضاقت بنا الأمور في حياتنا الدنيا السيرة منهج لنا.
فقال هذه المقولة الرائعة، قال: "إن الله ناصر نبيه".
أمية النبي وسام شرف له وأميتنا وصمة عار بحقنا :
وقد يقول أحدكم: لماذا النبي الكريم نبي أميّ؟ هناك تعليق لطيف جداً: أمية النبي لها معنى كبير، لو أن النبي الكريم كان يقرأ، ويكتب، ومن لوازم القراءة أن يستوعب ثقافة العصر، فإذا جاء الوحي، مع كل كلمة يقولها لأصحابه، يقال يا رسول الله: هذه من ثقافتك أم من الوحي؟ قال له:
﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾
﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾
إذاً أمية النبي وسام شرف له، وأميتنا وصمة عار بحقنا، لأن الله علمه.
مفهوم المواطنة :
إنساني كلما مرت جنازة يهودي يقف لها، قال: يا رسول الله إنه يهودي! قال: أليس إنساناً؟.
هناك معنى أدق، حينما دخل النبي الكريم المدينة أرسى مفهوماً معاصراً وأنتم في أمس الحاجة إليه، مفهوم المواطنة، مفهوم التعايش، ماذا قال؟ قبل أن أقول لكم ماذا قال، ما حقيقة بنية يثرب؟ يثرب فيها أوس وثنيون، وفيها خزرج وثنيون، وفيها أوس مسلمون، وخزرج مسلمون، صاروا أربعة، وفيها نصارى، وفيها يهود، وفيها موال، وفيها أعراب، فقال قولته الرائعة التي ينبغي أن تكتب بماء الذهب، قال: "أهل يثرب أمة واحدة، سلمهم واحدة وحربهم واحدة، لليهود دينهم، ولنا ديننا". والعالم اليوم لا يحتاج إلى شيء أعظم من حاجته إلى مفهوم المواطنة، في تعبير آخر التعايش، بالتعبير الثالث السلمي الأهلي، هذا المفهوم أرساه النبي عليه الصلاة والسلام.
لغة العمل أبلغ من لغة القول :
فيا أيها الأخ المقيم في أستراليا، هذا الأسترالي لم يقرأ القرآن، ولم يقرأ سنة النبي العدنان، ولم يقرأ كتب الفقه، الإسلام عنده هو أنت، فإذا لم تكن مستقيماً يشكك بالإسلام، لذلك أنت أيها المسلم المقيم في أستراليا كما قال النبي: "أنت على ثغرة من ثغر هذا الدين، فلا يؤتين من قبلك"، أنت في بلدك إذا أخطأت يقال: فلان أخطأ، أما هنا إذا أخطأت فيقال: الإسلام أخطأ، أنت هنا سفير الإسلام.
بل إنه ينبغي أن تحمل رسالتين، الأولى رسالة من أمتك المسلمة إلى هذا البلد الطيب ليتعرف الناس من خلالك عن الإسلام، المؤمن صادق، أمين، عفيف، حليم، منصف.
لذلك قالوا: لغة العمل أبلغ من لغة القول.
فيا أيها الأخ الكريم المقيم في هذا البلد، أنت في هذا البلد ينبغي أن تحمل رسالة الإسلام، لا بأقوالك بل بأفعالك، والدعوة بالأفعال أبلغ من الأقوال، أنا أسميها الدعوة الصامتة، لك جار أسترالي، أنت صادق.
مرة إنسان يوناني زار تركيا، القصة مؤثرة جداً، لا يوجد محلات، ولا فنادق أبداً، طرق باباً لا على التعيين، فتح إنسان تركي مسلم، قال له: هل عندك مكان أنام فيه؟ قال له: طبعاً، عندي بيتان، هذا البيت لك، غرفة ضيوف، ونوم، ومطبخ، وطعام، دخل هذا اليوناني الغير مسلم ظن أن لهذا الإنسان التركي بيتاً ثانياً، استيقظ صباحاً وجده نائماً أمام البيت تحت شجرة، فرش فراشاً و نام، يقسم بالله أنه أسلم.
والله كل واحد منكم بمعاملته الطيبة، بصدقه، بأمانته، بإخلاصه، بإتقان عمله يكون أكبر داعية في أستراليا، هذه الدعوة الصامتة، لا تحتاج إلى علم، تحتاج إلى استقامة.
لذلك أنا لا أصدق إنساناً في أوربا، وأمريكا، أو بأي مكان، أو بأستراليا غير مسلم دخل في الإسلام إلا بسبب مسلم وجد منه موقفاً أخلاقياً، فأنت دون أن تشعر بإمكانك أن تكون أكبر داعية في هذا البلد.
بطولة الإنسان أن يضيف إلى احتفاله بعيد المولد اتباع سنة النبي الكريم :
أيها الأخوة، طبعاً الاحتفال بعيد المولد شيء رائع جداً لكن البطولة لا أن تحتفل فقط أن تضيف إلى احتفالك أن تتبع سنة النبي الكريم، سنة النبي في أحاديثه الشريفة، يجب أن تأتمر بما أمر، وأن تنتهي عما نهى عنه وزجر، وأن تكون في خدمة هذا الدين العظيم، لأنك في بلد تمثل هذا الدين، فإذا كنت في بلدك وجئت إلى هنا إنك تحمل رسالة الإسلام، وإذا عدت إلى بلدك تحمل رسالة أستراليا، هناك نظام، القانون فوق الجميع، و نظافة، و ترتيب، الأشياء الإيجابية انقلها إلى بلدك، هذه مهمة المسلم.
وأرجو لكم أن يحفظ الله لكم إيمانكم جميعاً، أن يحفظ لكم أهلكم وأولادكم، أن يحفظ لكم مالكم، أن يوفقكم إلى ما يحب ويرضى.
وانتبهوا لأودكم، الموضوع الأول الأخطر أولادك، إن لم يكن ابنك كما تتمنى فأنت أشقى الناس، هنا العقبات أمام التربية كبيرة جداً، والصوارف كبيرة، والبطولة أن تعتني بأولادك لأنه إن لم يكن كما تتمنى فمشكلة كبيرة جداً.